هذا المقال لأصحاب القلوب القوية, ومن يحبون أن يعرفوا حقائق البشر والحياة, ولا يحبون الإختباء خلف المثاليات والايجابية الزائفة

 مما لا شك فيه أنه في هذه الحياة تمر بالجميع فترات عصيبة وظروف قاهرة, تُجبرنا على اختيار مالا نريده في كثير من الاحيان, وتجبرنا على التنازل أو التغاضي أو تقديم المصلحة على المبادئ في فترات أخرى, نسقط وننهض , نقع ونتعلم , نخطئ ونتوب, ثم نعاود الخطأ ونتوب أيضا, يقول صلى الله عليه وسلم : ” كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” هذه الطبيعة البشرية وهذه هي الحياة.

ولكن البعض عندما يقع في مستنقع الحياة يختار البقاء على الخروج والانغماس على محاولة الصعود، حتى تظن أن هذه البيئة مناسبة له ولتكوينه النفسي ومشبعةٌ لحاجاته.

 إن هذه البيئة تصبغ نظرته لحياته بلون قاتم، لا يستطيع أن يرى الواقع الا من خلاله ولا يتعامل مع الآخرين الا وفقا لمتطلباته، ورغم أن هذا الشخص يخالطنا ويشاركنا تفاصيل الحياة, الا أنه يعيش في عالمه الخاص “المُظلم” وهو عالم مختلف عن عالمنا الذي نعيشه

إن الأذى الذي يحدثه الانزلاق في مثل هذه البيئة يتجاوز تأثيره هذا الشخص, الى الأشخاص القريبين منه بل وإلى كل من تجمعه بهم ظروف الحياة.

 هذا الشخص إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة, لن يقدم لك الخير,ولن تجد منه ما يسرك, لو تنازلت له, لو تغافلت عنه, لو تركته, لو قدمت له ما تملك وأغلى ما تملك لن يكفيه, إن دائه ومُظناه أن يراك سعيدا فرحا قويا مغتنيا متفوقا وصلبا,

كتب د. عائض القرني عنه قائلا “أنت الذي أسهره وأضناه ، أنت الذي جلب له همه ، وحزنه ، وتعبه ، ووصبه، وهو الظالم في صورة مظلوم” انتهى

إن فرحك حزن له وحزنك فرح له, ونجاحك فشل له وفشلك فرح له, وعلمك جهل له وجهلك فرح له, لا يكف عن المقارنة غير العقلانية فكل ما يؤذيك هو فرح له وليس بالضرورة أن يكون مستفيدا من سقوطك, بل إن سقوطك, هفوتك, غلطتك, خطأك, حماقتك وكل ما ترتكبه بحكم بشريّتك وانسانيتك هي الخشاش الذي يقتات عليه

إن الطبيعة البشرية تفرح بحصول الخير للغير, ولكنك تجده قد تميّز من الغيظ عند سماع ما يسر الناس, إن الخير منافٍ لطبيعته, وإن الفرح زائف بالنسبة له, والسعادة سراب مظنٍ لا يصل له.

 أزعم أن هذا الوصف كافٍ ومضر بالصحة أيضا, لمعرفة أو اكتشاف أن هذا الشخص موجود في حياتنا. وأن هذا المستنقع هي البيئة التي صنعها لنفسه وهي كل أفعاله وأقواله التي ارتكبها في حق الآخرين من غيبة ونميمة وافتراء واحتقار وانتقاص وكذب وتدليس وسرقة وغيرها “عافانا الله وإياكم” فهو منغمس في التفكير بالآخر والتنكيل به دون أن يدرك أن الوقت يمضي والحسد يأكله شيئا فشيئا.

ما سبب عداء هذا الشخص “المسكين” لك ولي ولأمه وأبيه..!!

لو قدمت له حذاءه، وأحضرت له طعامه، وناولته شرابه، وألبسته ثوبه، وهيأت له وضوءه، وفرشت له بساطه، وكنست له بيته، فإنك لا تزال عدوه أبداً، لأن سبب العداوة لا زال فيك، وهو فضلك أو علمك أو أدبك أو مالك أو منصبك، فكيف تطلب الصلح معه وأنت لم تتب من مواهبك ؟!- د.عائض القرني

كيف تعرف هذا الشخص بسرعة..!!

أولا:

لا تسمعه يبارك على أمر ما أو يذكر الله عليه, بل يُظهر على الفور انتقاصه وانتقاده وأن هذا الأمر غير مهم, اذا شككت في شخص أنه من هذا الصنف حاول أن تتذكر متى آخر مرة سمعته يقول “ماشاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله”

ثانيا:

الشخص الحاسد يكون شحيحا بخيلا في نفسه وماله, جاف وجامد في مشاعره, أناني جدا ويتّبع مقولة “أنا ومن بعدي الطوفان”

ثالثا:

الحسد يتوافق مع الخبث واللؤم فتجد هذا الشخص كثير التخطيط والتآمر لأذية الآخرين

رابعا:

الشخص الحاسد لا يتورع عن التسبب في قطع أرزاق الناس أو منع الخير من الوصول لهم

خامسا وأخيرا:

هذا الشخص يشعر بالنقص النفسي والاحتقار والكره الشديد تجاه ذاته, ويعلم في قرارة نفسه أن ما يقوم به هو أمر مُحرّم ومكروه, فتجده دائما ما يبرر تصرفاته ويوضح أسبابه كي يُقنع الآخرين أن ما يقوم به هو الأمر الصحيح وأنه انسان صالح.

كيف أحمي نفسي..!!!

من المؤسف قول إن هذا الشخص لا يستطيع الحياة وأنت بخير, سوف تجده يتصيد لك ويبحث عنك ويفكر فيك طالما أنت أمامه, إن البعد عنه والعزلة والاختفاء من حياته هو أسلم الأمور كي لا يجذبك الى مستنقعه وتصبح متأثرا به.

حاول قدر المستطاع ألا يعرف تفاصيل حياتك لأن هذه المعلومات تضرم النار في قلبه والعياذ بالله

ختاما, من المهم أن يعرف هذا الشخص أن من حوله يعرفون حقيقته, كي يكف عن التذاكي وادعاء المثاليات الزائفة, وأن سكوت الناس عن مواجهته لا يعني أنهم لا يعون ما هو واقع فيه, وأنهم عندما يتحدثون عنه تجدهم مشفقين عليه فيما يعيشه من غصص، وما يعايشه من آلام ، ومايكابده من أحزان ، ومايذوقه من ويلات.

لمشاهدة المقال على موقع الصحيفة تفضل اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *