آسف على الصراحة… ان المقالات التي تنقد الذات أو المجتمع هي دعوة للوعي وليست حربا على أنفسنا، اللحاق بالحق أمر شاق يتجرد فيه الفرد من النزعات الشخصية ويتخلص من اتباع هواه، إن أغلب النقاشات تدور حول شرح فكرة، إبداء رأي، إيصال رسالة، فقط ويتم تجاهل ما هو أهم من ذلك وهو البحث عن الحق والحكمة، قال لي لقمان (صديقي الغريب) كنت عندما أحاور شخصا ما، لا ينصب همي الا كيف لي أن أفحمه وكيف لي أن أتلاعب بأفكاره كي لا يجد ما يبرر به ما يقول، في كل مرة أختار فيها متى أدخل النقاش ومتى أنسحب، في كل مرة كنت أظن أني أنتصر عندما أكون أنا آخر من يسكت.

آسف على الصراحة

ثم ماذا!! لا شيء

ظل لقمان يحمل نفس الأفكار والأسوء من ذلك أنه ظلّ يحمل نفس طريقة التفكير العقيمة التي كانت تتمحور حول الأنا و”أنا” فقط الذي لا يشبع من الانتصار لنفسه. لم يتغير تفكيره ولم ينمو لم يتسع أفقه ولم يزدهر وكل ما يقتات عليه ذهنه من معلومات جديدة كان يغذي به “أناه” حتى أصبح يجادل وهو يعلم أنه ليس على حق في بعض الأحيان قال الشافعي يوما ” ما ناظرت أحداً قط إلا تمنيت أن يجرى الله الحق على لسانه“، هل تعرف لماذا!!!!

لأنه كان يبحث عن الحق وليس عن الانتصار لنفسه.

‏من جمال الحياة أن الله يبعث في طريقك ما يوقظك بين الحين والآخر

أنت الذي ظننت لوقتٍ طويل أنك مستيقظ – الرومي

يكاد لا يخلو يومنا من مشاهدة كثيرين من أمثال صديقنا لقمان ففي كثير من الأحيان تجد البعض منعدم الثقة تجاه نفسه وقراراته ولكنه دائما ما ينتقد ذوات الاخرين، يتدحرج من سيء الى أسوء، ويقدم النصح يمينا وشمالا!، غير مكمل لتعليمه وينتقد مخرجات التعليم!

يغتاب فلانا وفلانا ويتسائل لماذا يجد العداء من الآخرين!، مطالعاته لا تتجاوز الصحف اليومية ويتحدث في السياسة!، لا يعرف معنى القوائم المالية ويراجع الميزانية!

ليس لديه خطة ولا أهداف ويتحدث عن الخطط الخمسية للدولة

ليس الغريب أيضا أن تشاهد هذا في يومك إن ما يدعوك للغرابة بالفعل هي كمية الثقة والتعصب في صحة آراءه، انها نفس الحالة من عدم الوعي الذاتي، إن هذا الشخص يعيش في مخيلته التي صنعها وفي قراءاته التي تنبع أيضا من هذه المخيلة، ألم يتسائل يوما عن حاله هو، من أين!! وإلى أين!! لو أنه تفكر قليلا ماذا صنعت لنفسي حتى أهرطق بمالا أفقه!!

آسف على الصراحة

إنه لا يعلم أن للحياة أبجدية وللعلم أسس، وعندما يمتلك الشخص هذه الأساسيات سوف تتغير قراءته للواقع، في الحقيقة أنه لا يدري

يقول نعوم تشومسكي:

عامة الشعب لا يعرفون ما يجري ولا يعرفون حتى أنهم لا يعرفون !

ان أول علامات الوعي هي عدم الخوض وادلاء الرأي في كل ما قد يطرأ عليك، وان البداية تكمن من خلال القراءة فان لم تستطع فالملاحظة فان ارهقك ذلك فالتزم الصمت قليلا كي تتعلم، ولابد من معرفة أنه لن يتغير عالمك إن لم تبدأ بنفسك يقول الله تعالى “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” ابدأ بنفسك

وكن أنت التغيير الذي تريده في هذا العالم – مانديلا

انها ليست دعوة للكمال وليست ادعاء للمثالية انها فقط دعوة للاستيقاظ، أنا ممتن لكل موقف وشخص وكلمه تجعلني أستيقظ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *