الغبي النافع

جريدة الرياض

الجمعة 16 جمادى الأولى 1439هـ – 2 فبراير 2018م

هل من الممكن أن تعرض وظيفة على شخص بهذا الوصف؟ أم هل تظن أنه يصعب أن تجد شخصاً هكذا فعلاً!!

قد نجد الشخص النافع بالطبع لكن من الصعب أن تجتمع صفتان تنفي إحداهما الأخرى لهذه الدرجة وهذه هي المسألة. بدايةً إن هذه الشخص أحد أفراد المجتمع ولا نستطيع تجاهل ذلك، ولكن من هو!؟ ولماذا يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في المجتمع!!!

إن أول إطلاق لهذا الوصف كان على مواطني الدول الغربية والمتعاطفين مع القضية الشيوعية في الاتحاد السوفييتي آنذاك، حيث كانوا يقدمون الاعتمادات المالية لدعم الحزب الشيوعي في بلدانهم، والذين اعتبرهم الشيوعيون أنفسهم حمقى ويسهل التلاعب بهم، لأنهم خدموا قضية لا يعونها بشكلها الكامل، إلى أن قال عنهم فلاديمير لينن سوف يمدنا الرأسماليون بالحبال التي نشنقهم بها، ورغم الاختلاف بيننا وبين الشيوعية إلا أن الأساليب المستخدمة تكاد تكون واحدة، وهذا المقال سوف يوضح من هو الغبي النافع، ومن هي الجهات التي يخدمها وما هي الطرق التي يقدم خدماته بها؟

الغبي النافع هو شخص تتم تعبئته بإحدى الطرق الإعلامية التي لا يعي تأثيرها، وذلك للترويج لقضية لا تخدم مصالحه ولا مصالح بلده، بل من الممكن أن تجلب الويلات عليهم جميعاً، والعجيب في الأمر أن هذا الشخص يظن أنه صنع آراءه الشخصية بنفسه دون إدراك أن كل ما يطّلع عليه قد تم إعداده بالطريقة المناسبة، وعندما أقول بالطريقة المناسبة فإن المقصود أن الإعلام الجديد لم يعد يخاطب المتلقي بشكل مباشر بل من خلال رسم عدة أحداث ونشرها بطرق مختلفة، يستنتج المتلقي “الغبي النافع” من خلالها الهدف المراد إيصاله له متوهماً أن لديه الأدوات اللازمة لفهم الأحداث على الرغم من وقوعه تحت التأثير غير المباشر، فيقوم بالترويج والدعاية لقضايا وأفكار لا يعرف الغايات الحقيقية منها ولا من يقف خلفها، أما النفع الحاصل فيتم من خلال الكم الهائل للهراء الذي يستطيع ترويجه ونشره كلما زاد إيمانه بالفكرة، وهذا الوصف القاسي لا يعني بالضرورة أن هذا الشخص شخصٌ سيئ إنما هو فقط واقع تحت تأثيرٍ استطاع تحويله لمعول هدم دون أن يدرك ذلك. ويقع المحظور عندما يتم هذا الاستغلال من أي نظام معادً للوطن، خصوصاً تحت المسميات التي تحرك الإنسانية وتحرك العواطف، لأن الأشخاص لا يتحركون دون قضية حتى لو كانت وهماً.

بالتأكيد إننا لا نريد أن يتم إطلاق هذا الوصف على أي منا يوماً ما، ولا أي من الأشخاص الذين نعرفهم.

أخيراً إننا لا نستطيع التحكم في الأحداث، لكننا نستطيع التحكم بردود أفعالنا تجاهها، ومن خلال زيادة وعينا ووعي الآخرين نستطيع أن نحمي أنفسنا ووطننا من أي استغلال، حفظ الله بلادنا وأمننا من كل شر.

تركي المالكي

لقراءة المقال من صحيفة الرياض من هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *